الماء أساس الحياة فلا صناعة و لا زراعة و لا إعمار بدون توفر الماء و هذا مصداقا لقول الحق تبارك و تعالى في محكم التنزيل :
] أو لم يرَ الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون([ الأنبياء 30]
يوجد الماء في الطبيعة بصور مختلفة منها العذب و منها المالح و بالتالي تختلف استخداماته حسب تلك الصور فمنها ما يستخدم للشرب و منها ما يستخدم للزراعة
أو الصناعة و غيرها و قد أشار الخالق في كتابه العزيز إلى صنفي الماء الرئيسين
في الآية الكريمة:
)وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج000([ فاطر12]
الماء المادة الأكثر شيوعا على الأرض و يغطي أكثر من 70% من سطح الأرض يملأ الماء المحيطات و الأنهار و البحيرات و يوجد في باطن الأرض و في الهواء الذي نتنفسه و في كل مكان و لا حياة بدون ماء0
كل الكائنات الحية ( نبات , حيوان , إنسان) لابد لها من الماء كي تعيش و في الحقيقة فإن كل الكائنات تتكون غالبا من الماء كما أن ثلثي جسم الإنسان مكون من الماء
و ثلاثة أرباع جسم الدجاجة من الماء كما أن أربعة أخماس ثمرة الأناناس من الماء0
و يعتقد بعض علماء الطبيعة أن الحياة نفسها بدأت في الماء – في ماء البحر المالح0
منذ بداية العالم و الماء يقوم بتشكيل تضاريس الأرض 0 فالمطر يهطل على اليابسة
و يجرف التربة إلى الأنهار 0 و مياه المحيطات تلتطم بالشواطئ بقوة مكسرة و محطمة للهوات الصخرية على الشاطئ كما أنها تحمل الصخور المحطمة و تبني رواسب صخرية حيثما تفرغ حملها و المثالج تشق مجاري الوديان و تقطع الجبال0
و يحول الماء دون تغير مناخ الأرض إلى البرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة و تمتص اليابسة حرارة الشمس و تطلقها بسرعة بينما تمتص المحيطات حرارة الشمس و تطلقها ببطء و لهذا فإن النسيم القادم من البحر يجلب الدفء إلى اليابسة شتاء و البرودة صيفا0
كان الماء عبر التاريخ عصب الحياة فقد ازدهرت الحضارات المعروفة حيثما كانت مصادر الماء وفيرة كما أنها انهارت عندما قلت مصادر المياه و تقاتل الناس من أجل حفرة ماء مشوب بالوحل كما عبد الوثنيون آلهة المطر و صلوا من أجلها و على العموم فعندما يتوقف هطول الأمطار فإن المحاصيل تذبل و تعم المجاعة الأرض و أحيانا تسقط الأمطار بغزارة كبيرة و بصورة فجائية و نتيجة لهذا فإن مياه الأنهار تطفح
و تفيض فوق ضفافها و تغرق كل ما يعترض مجراها من بشر و أشياء أخرى0
في أيامنا الحاضرة ازدادت أهمية الماء أكثر من أي وقت مضى فنحن نستعمل الماء
في منازلنا للتنظيف و الطبخ و الاستحمام و التخلص من الفضلات كما نستعمل الماء لري الأراضي الزراعية الجافة و ذلك لتوفير المزيد من الطعام 0و تستعمل مصانعنا الماء أكثر من استعمالها لأية مادة أخرى 0 ونستعمل تدفق مياه الأنهار السريع و ماء الشلالات الصاخبة المدوية لإنتاج الكهرباء0
إن احتياجنا للماء في زيادة مستمرة و في كل عام يزداد عدد سكان العالم كما
أن المصانع تنتج أكثر و تزداد حاجتها إلى الماء 0
نحن نعيش في عالم من الماء و لكن معظم هذا الماء – حوالي 97% منه- يوجد
في المحيطات 0وهو ماء شديد الملوحة إذا ما استعمل للشرب أو الزراعة أوالصناعة0
إن نسبة 3% فقط من مياه العالم عذبة 0 و هذا الماء غير متوفر بيسر للناس إذ قد يكون محجوزاً في المثالج و الأغطية الثلجية0
كميات الماء الموجودة على الأرض في هذه الأيام هي نفسها التي كانت موجودة
في السابق و التي ستظل و تبقى للمستقبل 0 و كل قطرة ماء نقوم باستعمالها سوف تجد طريقها إلى المحيطات و هناك ستتبخر بفعل حرارة الشمس ثم تعود فتسقط
على الأرض ثانية على هيئة مطر و هكذا يستعمل الماء ثم يعاد استعماله مرات
و مرات و لا يمكن استنفاده أو فناؤه إلا بإذن الله0
و بالرغم من وجود كميات وفيرة من الماء العذب في العالم فإن بعض المناطق تعاني من نقص الماء؛ فالمطر لا يسقط بالتساوي على أنحاء الأرض المختلفة 0 إذ إن بعض المناطق تكون جافة جداً على الدوام بينما يكون بعضها الآخر مطيراً جداً 0
و يمكن أن تنتاب نوبة من الجفاف و بشكل مفاجئ منطقة ليست في العادة ذات أمطار كافية كما يمكن أن تجتاح الفيضانات منطقة أخرى بعد هطول أمطار غزيرة عليها0
تعاني بعض المناطق نقصان الماء بسبب عدم كفاية إدارة سكانها لمصادر الماء لديها 0 و يستقر الناس حيثما يوجد الماء الوفير و ذلك بجوار البحيرات و الأنهار حيث تنمو المدن و تزدهر الصناعة0